نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
الفاشر، الجرح الغائر - اتش دي كورة, اليوم الاثنين 10 نوفمبر 2025 01:45 صباحاً
خلال أواخر أكتوبر 2025 شهدت ولاية شمال دارفور تصاعدا دراماتيكيا في العنف حول مركزها الإقليمي الفاشر. قوات جهاز الدعم السريع (RSF) دخلت المدينة بعد حصار طويل، وتفاقمت منذ ذلك الحين تقارير القتل الجماعي، الانتهاكات المنهجية ضد المدنيين، وتدفق نازحين جدد باتجاه مخيمات قريبة.
هذا التطور يمثل لحظة فاصلة في النزاع الممتد منذ أبريل 2023، وقد يغير خريطة السيطرة في غرب البلاد ويزيد من أزمات الإغاثة الإنسانية إلى مستويات كارثية.
مصادر صحفية ومنظمات إغاثة أفادت بأن القتال تركز على المرافق العسكرية ومحيط مخيمات النازحين داخل وخارج المدينة، مع انقطاع اتصالات متكرر يصعب توثيق الأحداث بشكل مباشر. تقارير طبية ومحلية ذكرت مئات القتلى وإصابات واسعة، بينما تؤكد منظمات حقوقية وشهود عيان وقوع عمليات تصفية وعمليات عنف «منزل بمنزل» بحق مجموعات مدنية، خصوصا من غير العرب في إقليم دارفور. الأرقام الأولية للقتلى متباينة ولا تزال قيد التحقق، لكن المنحى العام يدل على موجة عنف واسعة النطاق.
الفاشر كان محاصرا لمدة طويلة قبل الهجوم الأخير، ما أدى إلى تدهور شديد في الأمن الغذائي والخدمات الصحية؛ آلاف الأطفال يعانون من سوء تغذية حادة، والمؤسسات الصحية إما مدمرة أو تعمل بشكل متقطع تحت تهديد القصف والنهب. العملية العسكرية الجديدة دفعت موجة نزوح جديدة إلى مخيمات مثل تويلة وزامزام، التي تعاني أصلا من اكتظاظ وانعدام موارد. وكالات الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية تصف الوضع بأنه «كارثة عاجلة» وتطالب بفتح ممرات إنسانية آمنة فورا.
تشير تقارير حقوقية وإعلامية إلى وجود عناصر توصف بارتكاب «انتهاكات خطيرة» تصل إلى اتهامات بارتكاب جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية، بما في ذلك هجمات متعمدة على المدنيين وتصفيات ميدانية. بعض الجهات الإقليمية والدولية استخدمت عبارات قوية مثل «إبادة» أو «تطهير عرقي» في وصف ما يحدث، ما يرفع سقف الرد الدولي ويعقد أي جهود لاحقة للمصالحة دون تحقيقات محايدة وشفافة. مع ذلك، يجب التنبيه إلى أن الموقف القانوني النهائي يتطلب توثيقا قضائيا مستقلا.
سقوط الفاشر (أو فقدان السيطرة الفعلية عليه) يعيد رسم خطوط النفوذ في دارفور: يقوي سيطرة RSF على غرب السودان ويربط مناطق سيطرتها بطريق لوجستي محتمل نحو ليبيا، ما يثير مخاوف من تقسيم سياسي فعلي للبلاد أو إقامة دوائر نفوذ متنافرة. في المقابل، الدول الإقليمية والفاعلون الدوليون (الرباعية: الولايات المتحدة، السعودية، مصر، الإمارات) حاولوا دفع مسارات تفاوضية، لكن المصالح المتضاربة والإمدادات الخارجية للأسلحة أعاقت نجاح أي هدنة طويلة الأمد حتى الآن.
المجتمع الدولي أصدر بيانات إدانة ودعوات لوقف إطلاق النار وفتح ممرات إنسانية؛ مجلس الأمن عقد مشاورات طارئة، وبعض الدول زادت ضغطها الدبلوماسي على الأطراف. مع ذلك، الفاعلية العملية محدودة بسبب صعوبة الوصول، غياب طرف واحد قادر على فرض التهدئة، ووجود مصالح إقليمية متداخلة. المنظمات الإغاثية تطالب بحماية العاملين الإنسانيين وفرض آليات مراقبة ميدانية مستقلة إن أمكن.
هذه الأحداث يترتب عليها الكثير من المخاطر قصيرة ومتوسطة الأجل مثل تفاقم موجة النزوح وارتفاع أعداد الجوعى والمرضى، ما يعرض المنطقة لمخاطر وبائية ومجاعة محلية. كما يؤدي إلى تصعيد عرقي / مناطقي قد يقود إلى دوامة انتقامية وعمليات تطهير في مناطق أخرى من دارفور. كذلك تقويض أي مفاوضات سياسية حالية إذا لم تقدم ضمانات أمنية ملموسة أو حماية للمدنيين؛ ما يجعل الحل العسكري مسارا طويلا ومكلفا.
الفاشر اليوم نقطة محورية في مأساة أوسع للسودان. الأحداث الأخيرة لا تقتصر على تغيير سيطرة عسكرية فحسب، بل تحمل تبعات إنسانية وسياسية طويلة الأجل قد تعيد تقسيم المشهد السوداني وتزيد من معاناة ملايين المدنيين ما لم تتخذ إجراءات دولية وإقليمية سريعة وفعالة. التوثيق والضغط السياسي وفتح ممرات إنسانية آمنة يجب أن تكون الأولوية العاجلة قبل أن تصبح الكارثة أعمق وأصعب إصلاحا.
MBNwaiser@










0 تعليق