الأنفاق الذكية والنقل الحضري: ابتكارات تعيد تشكيل المدن - اتش دي كورة

مكه 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
الأنفاق الذكية والنقل الحضري: ابتكارات تعيد تشكيل المدن - اتش دي كورة, اليوم الأحد 2 نوفمبر 2025 09:53 مساءً

حين نتحدث عن مستقبل النقل، غالبا ما نتجه بأعيننا نحو السماء حيث الطائرات المسيرة والمركبات الطائرة، لكن الابتكار الحقيقي قد يكون تحت أقدامنا. الأنفاق الذكية ليست مجرد بنية تحتية تقليدية، بل رؤية جديدة تنقل حركة الأشخاص والبضائع بعيدا عن الازدحام السطحي، وتعيد صياغة مفهوم المدن الذكية من الداخل.

الأنفاق الذكية هي ممرات تحت الأرض مزودة بتقنيات استشعار متقدمة، أنظمة ذكاء اصطناعي، وتحكم مركزي يسمح بإدارة تدفق المركبات والبضائع بكفاءة عالية.

- تدعم النقل ذاتي القيادة.

- توفر الشحن الكهربائي أثناء الحركة.

- تسهّل إدارة الطوارئ بطرق أسرع وأكثر أمانا.

بهذا تصبح الأنفاق عنصرا أساسيا في بناء مدن ذكية مستدامة تتسم بالسلامة والمرونة.

ازدحام المدن الحديثة لم يعد يحل عبر التوسعة الأفقية للشوارع فقط، بل من خلال إعادة توزيع الحركة إلى مستويات مختلفة. الأنفاق الذكية تعني استغلال الفضاء تحت الأرض بفعالية، ما يسمح بتقليل الضغط على السطح، وزيادة المساحات العامة المخصصة للمشاة والأنشطة الاجتماعية.

هذا التوجه يعكس فهما استراتيجيا أن المدن الذكية لا تبنى فقط بالأبراج العالية، بل أيضا بممرات غير مرئية تحت الأرض.

من التجارب العالمية:

- سويسرا: مشروع Cargo Sous Terrain يهدف إلى بناء شبكة أنفاق بطول 500 كم لنقل البضائع بكبسولات كهربائية، باستثمارات تفوق 30 مليار دولار حتى 2045.

- الولايات المتحدة: شركة The Boring Company تطور أنفاقا لنقل المركبات الكهربائية بسرعة تصل إلى 250 كم/ساعة، لتقليل الازدحام الحضري.

- سنغافورة: تستخدم الأنفاق لنقل المياه والكهرباء والخدمات الأساسية، بجانب حلول النقل الذكي.

هذه النماذج تثبت أن الأنفاق الذكية لم تعد خيالا علميا، بل صناعة ناشئة يتوقع أن تتجاوز قيمتها عالميا 140 مليار دولار بحلول 2032.

المملكة ورؤية 2030 - مدن تعيش المستقبل، المملكة تنظر إلى الأنفاق الذكية كجزء من مشاريعها التحولية:

- نيوم تخطط لفصل حركة المركبات عن المشاة بالكامل عبر شبكات تحت الأرض، لتجعل سطح المدينة مخصصا للإنسان والطبيعة.

- برنامج جودة الحياة يدعم هذه المشاريع لتقليل الازدحام وتحسين التجربة الحضرية.

- الاستراتيجية الوطنية للنقل والخدمات اللوجستية تؤكد أهمية الابتكار في البنية التحتية لدعم الاستدامة.

- استغلال الأراضي الحضرية عبر إعادة توزيع الحركة، ما يوفر مساحات أوسع للمجتمع والاقتصاد المحلي.

ويقول أحد مسؤولي نيوم «الأنفاق الذكية ليست مجرد حل مروري، بل أسلوب حياة جديد يجعل النقل غير مرئي لكنه أكثر كفاءة وأمانا».

في مشروع ذا لاين، نجد تصورا متكاملا للنقل تحت الأرض، حيث تدار الخدمات اللوجستية والمركبات بعيدا عن السكان، بينما يظل السطح مخصصا للطبيعة والمشاة. هذا يوضح كيف يمكن للمملكة أن تقدم نموذجا حضريا مختلفا عن أي مدينة في العالم.

الأثر الاستراتيجي، اقتصاديا: جذب استثمارات في البنية التحتية المتقدمة. وبيئيا: تقليل الانبعاثات عبر الاعتماد على الطاقة الكهربائية. واجتماعيا: تحسين جودة الحياة عبر تقليل الضوضاء والازدحام. وتقنيا: جعل المدن السعودية مختبرات حية لتجربة أحدث تقنيات النقل الحضري.

بينما تتردد بعض الدول في الاستثمار في الأنفاق الذكية بسبب كلفتها المرتفعة، فإن السعودية تقدم رؤية بعيدة المدى ترى في هذه المشاريع أداة استراتيجية وليست مجرد تكلفة. هذا ما يميزها في سباق المدن الذكية عالميا.

الأنفاق الذكية تمثل ثورة صامتة في النقل الحضري؛ قد لا ترى على السطح لكنها قادرة على تغيير شكل المدن من الداخل. ومع مشاريع مثل نيوم وبرامج رؤية 2030، تضع المملكة نفسها في طليعة الدول التي تبني مستقبلا حضريا أكثر استدامة وذكاء. يبقى السؤال الاستراتيجي: إذا كانت الأنفاق الذكية تعيد صياغة الحياة تحت الأرض، فما هو النموذج الأضخم الذي يجمع بين البحر والصناعة واللوجستيات ليقود الثورة القادمة؟ الإجابة سنجدها في المقال القادم حول أوكسيجين نيوم، أكبر ميناء صناعي عائم يقود الثورة اللوجستية في البحر الأحمر.

فكرة مبادرة، إطلاق مركز ابتكار سعودي للأنفاق الذكية يدمج بين خبرات الهندسة والبنية التحتية وتقنيات الذكاء الاصطناعي، ليكون منصة إقليمية لتطوير وتصدير حلول النقل الحضري المستدام.

أخبار ذات صلة

0 تعليق