مع بزوغ شمس يوم التصويت في انتخابات مجلس النواب 2025، انطلقت في مختلف محافظات الجمهورية مشاهد توثق لحظة تاريخية في مسيرة الديمقراطية المصرية، حيث بدأ المواطنون منذ الصباح الباكر في التوافد على اللجان الانتخابية للإدلاء بأصواتهم، وسط أجواء احتفالية أُطلق عليها بحق “العرس الانتخابي”. فالمشهد لم يخلُ من حماس وطني وتعاون بين الجهات المعنية، بدءًا من اللجان التنظيمية مرورًا بالأجهزة الأمنية، ووصولًا إلى المواطنين الذين اصطفوا في طوابير طويلة، متحدين برودة الصباح أو حرارة الشمس للمشاركة في رسم مستقبل وطنهم.

خدمات إلكترونية 

وقد أعلنت الهيئة الوطنية للانتخابات عن إطلاق مجموعة من الخدمات الإلكترونية الجديدة لتسهيل مشاركة المواطنين، وعلى رأسها خدمة الاستعلام الإلكتروني عن اللجنة الانتخابية عبر الموقع الرسمي للهيئة أو من خلال تطبيق إلكتروني متطور للهواتف المحمولة. وبمجرد إدخال الرقم القومي المكون من 14 رقمًا، يمكن للناخب معرفة اسم المدرسة أو مقر اللجنة، رقم اللجنة الفرعية، ومسلسل الناخب في كشوف التصويت. وتأتي هذه الخطوة في إطار حرص الدولة على جعل المشاركة الانتخابية أكثر سهولة وتنظيمًا، بما يواكب التطور التكنولوجي الذي تشهده منظومة الانتخابات في الجمهورية الجديدة.

الجيزة والمحافظات

وفي محافظة الجيزة، شهدت لجان مثل مدرسة محمد كريم ومدرسة الجيزة القومية حضورًا لافتًا منذ الدقائق الأولى لفتح اللجان في تمام التاسعة صباحًا. واصطف المواطنون أمام اللجان في أجواء يغلب عليها الحماس والالتزام، حيث حرص الشباب وكبار السن وذوو الهمم على المشاركة في هذا الحدث الوطني. ووفرت الأجهزة التنفيذية بالمحافظة وبقية محافظات الجمهورية كل وسائل الراحة داخل وخارج اللجان، بما في ذلك مظلات للحماية من الشمس، وكراسٍ متحركة لذوي الاحتياجات الخاصة، فضلًا عن لوحات إرشادية لتسهيل عملية الدخول والخروج من المقار الانتخابية.

خطة متكاملة لإدارة العملية الانتخابية

من جانبه، أكد المستشار أحمد بنداري، مدير الجهاز التنفيذي للهيئة الوطنية للانتخابات، أن الهيئة أعدت خطة متكاملة لإدارة العملية الانتخابية، خاصة في المحافظات ذات الكثافة السكانية المرتفعة مثل الجيزة والإسكندرية والمنيا، لتفادي أي زحام أو تكدس داخل اللجان. وأشار إلى أن هناك تنسيقًا كاملًا بين الهيئة ووزارة التضامن الاجتماعي لتقديم دعم خاص لكبار السن وذوي الإعاقة، يشمل توفير مترجمين بلغة الإشارة وكتيبات بطريقة برايل للمكفوفين، ما يعكس اهتمام الدولة بضمان مشاركة جميع فئات المجتمع دون تمييز.

وفي مشهد يعكس روح المشاركة، انتشرت صور المواطنين عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، وهم يرفعون أعلام مصر أمام اللجان، بينما تتردد الأناشيد الوطنية في الخلفية، لتتحول لحظة التصويت إلى احتفال شعبي يجمع بين الواجب الوطني والاعتزاز بالهوية. ويؤكد مراقبون أن هذا الإقبال يعكس تطور مفهوم العرس الانتخابي في مصر، حيث لم يعد مجرد ممارسة سياسية، بل مناسبة وطنية تُظهر مدى الوعي والمسؤولية لدى المواطنين تجاه مستقبل بلادهم.

التصويت يشمل 14 محافظة بإشراف قضائي كامل

كما أوضحت الهيئة الوطنية للانتخابات أن المرحلة الأولى من التصويت تشمل 14 محافظة، من بينها الجيزة، الفيوم، بني سويف، المنيا، أسيوط، سوهاج، قنا، الأقصر، أسوان، البحر الأحمر، الإسكندرية، البحيرة، مطروح، والوادي الجديد، بإجمالي أكثر من 35 مليون ناخب موزعين على 5606 لجان فرعية. وتخضع جميع اللجان لإشراف قضائي كامل، في إطار حرص الهيئة على ضمان الشفافية والنزاهة الكاملة للعملية الانتخابية.

انتخابات مجلس النواب 2025 تمثل مرحلة جديدة في مسار التجربة الديمقراطية المصرية، لما تتضمنه من أدوات رقمية متطورة وإجراءات تنظيمية غير مسبوقة، إلى جانب وعي شعبي متنامٍ بالمشاركة السياسية. فالعرس الانتخابي هذا العام لم يكن مجرد شعار إعلامي، بل أصبح واقعًا ملموسًا على أرض الواقع، تجسده الصور والمشاهد التي تتناقلها وسائل الإعلام من مختلف المحافظات.