اتش دي كورة

من المصدر المعتمد إلى منشورات (إكس): نظرة قانونية لتلقي الخبر - اتش دي كورة

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
من المصدر المعتمد إلى منشورات (إكس): نظرة قانونية لتلقي الخبر - اتش دي كورة, اليوم الاثنين 10 نوفمبر 2025 01:45 صباحاً


لم يعد الخبر اليوم يقف عند بوابة القنوات الرسمية كما كان، بل صار يتدفق من كل اتجاه، يزاحم الحقيقة، ويستفز العجلة في التلقي والنشر. وبينما كانت المعلومة في الماضي تستقى من «المصدر المعتمد»، أصبح كثيرون يستقونها من «منشور في تطبيق إكس»، حيث تختلط الموثوقية بالشائعة، والعاطفة بالحكم، والمزاج بالتحليل.

القانون لا يمنع التفاعل مع المعلومة، لكنه يحمل صاحبها مسؤولية ما ينشر وما يشارك فيه. فالمادة (6) من نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية مثلا، تجرم نشر الشائعات التي تمس النظام العام أو القيم العامة أو سمعة الأشخاص. وهذه المادة لا تفرق بين من ابتدأ النشر ومن أعاد النشر، لأن الفعل واحد في أثره، وهو نشر المعلومة غير الموثوقة. فكل «إعادة تغريد» قد تحسب إقرارا ضمنيا بمضمونها، وكل تعليق ساخر قد يتحول إلى مشاركة في نشر الضرر.

ولأن القانون لا يعيش بمعزل عن المجتمع، فقد أدركت النيابة العامة وهيئة الإعلام المرئي والمسموع أهمية الوعي قبل العقوبة. لذلك صار شعارا متكررا «خذ الخبر من مصدره المعتمد» هذه العبارة ليست مجرد تعبير واعٍ، بل قاعدة قانونية عملية لحماية الأفراد والمؤسسات من الانزلاق في فوضى النشر، وحماية المجتمع من أثر «المعلومة المتسربة» التي قد تصنع أزمة من لا شيء.

لكن المدهش أن البعض ما زال يتعامل مع منشورات (إكس) كأنها أدلة قاطعة، وكأن التغريدة حكم قضائي لا يستأنف. وهذه ظاهرة تحتاج إلى تصحيح فكري أكثر من كونها ضبطا نظاميا. فالمجتمع الذي يربط ثقته بعدد المتابعين، لا بعدد الوثائق، يعيش قلقا دائما بين الحقيقة والإثارة.

الوعي القانوني في عصر الإعلام المفتوح يعني أن تدرك أن «الحق في المعلومة» لا يساوي «الحق في النشر»، وأن لكل خبر سياقا، ولكل منشور مسؤولية. فالنظام لا يحمي الجهل بالتحقق، كما لا يعفي من العقوبة بحجة النية الحسنة.

إن احترام المصدر الرسمي ليس تبعية، بل وعي. والتمسك بالقنوات المعتمدة ليس تضييقا، بل ضمانة. ومنشورات (إكس) - على ما فيها من حيوية وإثراء - ليست محاكم ولا دوائر إعلام رسمية، وإنما فضاء واسع يختبر فيه وعي الفرد قبل نص النظام.

وفي النهاية، سيبقى الفارق بين المصدر المعتمد والمنشور العابر هو الفارق بين من يصنع الحقيقة، ومن يصنع الضجيج.

expert_55@

أخبار متعلقة :