نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
فتح السوق للأجانب: الانفتاح لا يقاس بالأبواب بل بالحوكمة - اتش دي كورة, اليوم الثلاثاء 4 نوفمبر 2025 10:57 مساءً
في خطوة متقدمة تستحق الثناء، دعت هيئة السوق المالية المهتمين والمشاركين لإبداء مرئياتهم حيال مشروع الإطار التنظيمي للسماح للمستثمرين الأجانب غير المقيمين بالاستثمار المباشر في السوق الرئيسية.هذه المبادرة تمثل نموذجا يحتذى به في الشفافية المؤسسية، إذ تؤكد أن صناعة القرار في السوق المالية لم تعد تتم خلف الأبواب المغلقة، بل عبر حوار منظم بين الهيئة والمجتمع المالي، وهذا هو جوهر الحوكمة الحديثة.
من الانفتاح الاقتصادي إلى الانضباط المؤسسي
فتح الأسواق للأجانب ليس مجرد قرار فني أو اقتصادي؛ إنه قرار حوكمي يعيد تعريف علاقة السوق السعودية بالعالم.الانفتاح الحقيقي لا يقاس بعدد المستثمرين الداخلين، بل بقدرة الإطار التنظيمي على حماية العدالة والمنافسة والاستقرار. فالسيولة الأجنبية قد تنعش السوق مؤقتا، لكن ما يضمن استدامتها هو ثقة المستثمر بأن السوق تدار وفق قواعد عادلة للجميع، محليين كانوا أم دوليين.
دروس من الأسواق العالمية
الأسواق التي سبقتنا في هذا المسار - كوريا، الهند، وتايوان - اكتشفت أن الانفتاح يحتاج تدرجا مؤسسيا لا استعجالا. فقد جذبت تلك الأسواق الأموال الأجنبية، لكنها واجهت أيضا تحديات «الأموال الساخنة» وتقلبات السيولة.ولذلك، من يفتح السوق لا بد أن يفتح معها أنظمة رقابة ومساءلة شفافة.
السعودية... في الاتجاه الصحيح
الخطوة التي اتخذتها الهيئة اليوم تأتي امتدادا لرحلة طويلة بدأت منذ السماح للمستثمرين الأجانب المؤهلين (QFIs) قبل نحو عشر سنوات، ثم تطورت تدريجيا حتى وصلت إلى هذه المرحلة من الانفتاح المنظم. وما يميزها الآن أنها تستند إلى مبادئ الحوكمة لا إلى رغبة السوق وحدها.فالمسألة ليست «من يدخل السوق؟» بل «كيف نحافظ على توازنها وعدالتها بعد دخولها؟».
الانفتاح الحوكمي... لا الانفتاح العاطفي
الأسواق التي تفتح بلا ضوابط تشبه منازل بلا أبواب، أما الأسواق المحكومة بالإفصاح والمساواة والمساءلة، فهي منازل مرحبة وآمنة في الوقت ذاته. الانفتاح الناجح هو الذي يوازن بين الاستثمار والاحتراز، بين الثقة والانضباط، وبين التدويل والسيادة الاقتصادية.
ختاما، دعوة الهيئة لإبداء المرئيات ليست مجرد إجراء تنظيمي، بل هي تجسيد عملي لثقافة الحوكمة التي بدأت تتجذر في السوق السعودية: الشفافية، المشاركة، والمساءلة.
إن ما نحتاجه اليوم ليس مجرد فتح الأبواب،بل أن نحسن توجيه الداخلين والخارجين في سوق تدار ببوصلة واضحة لا باتجاه الريح.وبهذا تصبح السوق المالية السعودية - كما أرادها المنظم - جاذبة في رأس مالها، وموثوقة في مؤسساتها.









0 تعليق