نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
حين يصبح المريض أجهل بحقوقه من ملفه الطبي - اتش دي كورة, اليوم الخميس 6 نوفمبر 2025 03:21 صباحاً
في مستشفياتنا الحديثة، كل شيء صار ذكيا: الأجهزة تحدث نفسها، والملفات تنتقل الكترونيا بسرعة الضوء، لكن وعي المريض يسير مشيا على استحياء، يدخل المراجع العيادة وهو لا يعرف إن كان له حق في استشارة ثانية، أو اعتراض على التشخيص، أو حتى في الاطلاع على ملفه الطبي. كل شيء مؤتمت إلا التوعية، فهي ما زالت تدار بالطريقة القديمة: لوحة على الجدار تذكرك بحقوقك بعد أن دفعت الفاتورة وخرجت من الباب!
الوزارة مشكورة تضع «مركز اتصال»، وموقعا الكترونيا أنيقا، وعبارات تحفيزية عن حقوق المريض، لكن التجربة الواقعية تقول: المريض يعرف موعد التحليل، ولا يعرف حقوقه بعده. في القرى والعيادات الطرفية، تمارس البيروقراطية بثوب صحي، وكأن الأنظمة تطبق في المدن فقط. نسمع كثيرا عن حملات توعوية، لكن لا أحد يشرح للمريض ما الفرق بين «حقه في العلاج» و»حقه في القرار الطبي». فهل يعقل أن يسلم المواطن حقنة دون أن يسلم وعيه؟
نحن لا نعاتب الوزارة.. فقط نسألها بلغة نجدية خفيفة «يا وزارة، الملف الطبي متطور، بس المريض بعده ما تطور». المواطن لا يريد مؤتمرات تذاع، بل لحظة إنسانية تشرح له فيها حقوقه قبل أن يوقع ورقة «الموافقة». بعض المرضى يخرج من المستشفى بشفاء في الجسد ووجع في الشعور، لأنه لم يعامل كشريك في القرار، بل كرقم في النظام الالكتروني.
ولأننا لا نزايد على جهود عظيمة تبذل، نقولها بمحبة: الوعي الصحي لا يقاس بعدد الأجهزة، بل بعدد المواطنين الذين يعرفون كيف يدافعون عن حقهم دون خوف. فالوزارة التي تطمح للتحول الصحي الكامل، عليها أن تبدأ بتحول في الخطاب.. من لغة التوجيه إلى لغة الشرح، ومن الحملات إلى التربية الحقوقية المستمرة.
أما نحن المواطنون، فنكتفي أن نقولها بأسلوب نجدي بسيط لكنه صادق: ترى ما نبي أكثر من حقنا.. اشرحوا حق المريض أولا.
ولعل الخطوة القادمة - إن أرادت الوزارة أن تكمل مسار التحول الصحي بوجهه الإنساني - أن تجعل توعية المريض جزءا من الخدمة نفسها لا ملحقا بها.
يمكن للوزارة أن تطلق منظومة تفاعلية تبدأ برسائل قصيرة (SMS) ترسل للمراجع قبل وبعد كل زيارة، توضح باختصار حقوقه في العلاج والمتابعة والاعتراض، بلغة سهلة يفهمها الجميع. كما يمكن تفعيل شاشات رقمية داخل العيادات تعرض مشاهد توعوية مبسطة، وإتاحة خانة في تطبيق صحتي باسم «حقوقي الصحية» تبين للمريض واجبات المنشأة تجاهه وخياراته القانونية عند الخطأ. إن الوعي لا يزرع بالمناشير، بل بالتكرار اليومي للمعلومة حتى تصبح عادة مجتمعية، وعندها فقط نستطيع القول إن التحول الصحي لم يكن تقنيا فحسب، بل تحولا في وعي المواطن وصون كرامته داخل النظام الصحي.
expert_55@
أخبار متعلقة :