اتش دي كورة

مستقبل الاستثمار السياحي بين السعودية والأردن - اتش دي كورة

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
مستقبل الاستثمار السياحي بين السعودية والأردن - اتش دي كورة, اليوم السبت 1 نوفمبر 2025 10:50 مساءً

هدفت أعمال مبادرة مستقبل الاستثمار أو ما يعرف باسم دافوس الصحراء في نسخته الأخيرة والذي حمل شعار «مفتاح الازدهار»، إلى مناقشة عديد من المواضيع الحيوية ومنها: دور الاستثمار في تحفيز فرص النمو وتعزيز الابتكار، إضافة إلى مواجهة التحديات العالمية، وغير ذلك مما تم مناقشته من مواضيع حيوية.

ومع أهمية ما ذكر، لكني ما زلت أرى بأن الاستثمار السياحي هو من أولى الأولويات الذي نحتاج لأن نهتم له بشكل مؤسسي ومنظم، وأتصور بأن تأسيس خط سياحي سعودي أردني مرتبط بالآثار الدينية ممكن في ظل الإمكانات المتوفرة والقائمة حاليا؛ وأؤمن بأنه سيكون أهم خط سياحي على صعيد المنطقة بأكملها.

في هذا السياق فتحتل الأردن مكانة دينية كبيرة لما تحويه من آثار نبوية، وما تكتنزه من مقامات لكبار الصحابة رضوان الله عليهم، الذين يرتبطون ارتباطا وثيقا بالسيرة النبوية، وهي السيرة التي مبتدؤها ومنتهاها في أرض المملكة العربية السعودية، حيث الحرمين الشريفين والمواقع النبوية المتعددة، والتي تهتز لها أفئدة المؤمنين في شتى أنحاء العالم، وتتشوق لزيارتها والوقوف على أطلالها وأكناف ظلالها.

إذن هي السيرة النبوية التي يمكن استثمارها معرفيا، ليس على النطاق السعودي وإنما بامتدادها الجغرافي إلى أكناف الأردن الذي يحوي في ربوعه شخوص أبرز الصحابة من المهاجرين والأنصار، ممن ارتبطوا بمسيرة الدعوة النبوية في مكة المكرمة والمدينة المنورة، كجعفر بن أبي طالب وزيد بن حارثة وعبد الله بن رواحة وغيرهم من شهداء مؤتة، علاوة على أبي عبيدة عامر بن الجراح وعامر بن أبي وقاص ومعاذ بن جبل وشرحبيل بن حسنة والحارث بن عمير الأزدي وعبد الرحمن بن عوف وغيرهم ممن توفاه الله في معركة اليرموك وطاعون عمواس. ناهيك عن مقامات الأنبياء كمقام النبي شعيب وأهل الكهف وغيرهم.

أما أرض المملكة العربية السعودية ففيها الأصل والمنبع، حيث مكة المكرمة وما تحويه من آثار نبوية، والمدينة المنورة التي بها مقامه الشريف، وفيها عبقه الطاهر، وتحمل بين جنباتها جانبا كبيرا من سيرته صلى الله عليه وآله وسلم العطرة وسيرة أصحابه رضوان الله عليهم.

وهكذا بالربط بين مختلف المواقع يمكن أن نشكل خارطة سياحية مشتركة تجعل منها أكبر خارطة سياحية في المنطقة، وهو ما يحفز كل الأفواج السياحية الإقليمية والعالمية لزيارتها بتنسيق عال بين المملكتين الأردنية والسعودية، وحتما سيصب ذلك في زيادة دخل الفرد وقوة الاقتصاد المحلي في البلدين بما ينعكس إيجابا على المجتمعين بوجه عام.

أتخيل لو كنت سائحا من شرق أسيا وعرض علي خريطة سياحية دينية بالتزامن مع أدائي للشعائر الدينية سواء عمرة أو حج، لتكون رحلتي شاملة للوقوف على عديد من الآثار النبوية في مكة المكرمة ومنها موقع ولادة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وجبل النور حيث غار حراء، وجبل ثور الذي قامت فيه المعجزات حال اختباء النبي صلى الله عليه وآله وسلم وصاحبه أبي بكر رضي الله عنه، وموضع صلح الحديبية، ثم خط سير هجرته للمدينة المنورة والذي أقيم له اليوم برنامج باسم «على خطاه»، مرورا ببدر حيث شهداء يوم الفرقان ومعركتها الكبرى، وصولا إلى المدينة المنورة حيث مسجده ومرقده الشريف، وصاحبيه، وأهل البقيع، وسيد الشهداء حمزة، وقصة معركة أحد، وقصة معركة الخندق بمساجدها السبعة، ومسجد قباء، إلى غير ذلك من المشاهد المهمة، ثم إلى خيبر، ومنها لمدائن صالح والعلا وما تحويه من آثار وتكوينات صخرية فريدة تعكس حضارة مهمة وعريقة متجسدة في مدينة البتراء على أرض الأردن، وصولا إلى مدينة تبوك حيث موقع غزوتها، ومنها إلى معركة مؤتة والتي يسر الله لنبيه بأن يراها فضائيا، ويخبر بتفاصيلها واستشهاد قادتها زيد وجعفر وعبد الله الذين تقف مقاماتهم شاخصة هناك على الحدث، وأخيرا إلى معركة اليرموك الفاصلة واستشهاد عديد من الصحابة فيها، لتظل شخوصهم بها شاهدة على جهادهم الذي أثمر عما نحن فيه من رقعة عربية مسلمة.

أتصور بأن خارطة سياحية واسعة كهذه سيكون لها مردودها الاقتصادي الكبير، وستشكل قيمة معرفية واسعة في ظل التنافس المحموم بين مختلف الدول للاستفادة من عوائد الاستثمار سياحيا، وحتما سينعكس أثرها على طبيعة الدخل القومي في البلدين وفق خطة تنموية شاملة عالية المستوى بخدماتها اللوجستية.

أشير أخيرا إلى أني كنت قد دعوت إلى تنفيذ ذلك من قبل عبر مقالي «التكامل السياحي السعودي الأردني» على هذه الصحيفة، وأجد أن التركيز عليه سيفيد البلدين اقتصاديا، ويعزز من جوانب الدعم الأمني للأردن الذي يمثل سدا منيعا أمام كل الأخطار المحدقة التي تتربص بنا، فمشروع كهذا يعكس دعم السعودية للأردن وفق مشروع إنمائي مجتمعي يزيد من دخل الفرد، ويرفع سقف معيشته بشكل لافت، وفي ذلك قيمة أمنية كما هي قيمته الاقتصادية. فتمام الأمان الذي نرجوه سياسيا موكل بجودة المعيشة في حدها المقبول.

أخبار متعلقة :